اكتسبت أجهزة رصد اللياقة البدنية (الحساسات القابلة للارتداء)، التي تُستخدم لقياس المؤشرات الحيوية للجسم، أهميةً كبرى، بعدما تبين أن فائدتها لا تقتصر على رصد مستوى اللياقة، ولكنها تفتح آفاقًا جديدةً في عدة مجالات خاصة بالأبحاث الطبية الحيوية.
وكشفت دراسة نشرتها دورية “بلوس بيولوجي”، وأجراها باحثون بمعهد الطب الدقيق بجامعة سنغافورة الوطنية ومركز القلب الوطني في سنغافورة، أن ارتداء تلك الأجهزة لا يحدد فقط معدل النشاط اليومي للأشخاص، ولكن قد يساعد على التنبؤ بمخاطر الإصابة بأمراض القلب من خلال مؤشرات متنوعة، مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى السكر في الدم.
وكان تزايُد استخدام التكنولوجيا القابلة للارتداء وإتاحتها بسعر زهيد للمستهلك قد شجع فريق البحث على اختبار دورها في تحسين الأبحاث الطبية الحيوية والرعاية الصحية، وذلك بالرغم من التحدي الذي واجههم نتيجة قلة قواعد البيانات الشاملة التي تدمج المعلومات المستخلصة من هذه الأجهزة مع أنواعٍ أخرى من البيانات.
اعتمد الباحثون على تتبُّع حالة 233 من المتطوعين الأصحاء لرصد النشاط المسجَّل من خلال هذه الأجهزة وقياس معدل ضربات القلب ومستوى الدهون في الدم، وانتهوا إلى أن البيانات التي يتم الحصول عليها يمكن استخدامها لتعرُّف الأشخاص الرياضيين المعرضين للإصابة بتضخم القلب، وهو حالة معروفة باسم “القلب الرياضي” تشيع بين الرياضيين ذوي القدرات التنافسية العالية.
يقول “ونغ خوانغ ليم” -الباحث الرئيسي للدارسة- في تصريحات لـ”للعلم”: “إن القلب الرياضي حالة حميدة وليست مرضًا، منتشرة بين الرياضيين الذين يؤدون تدريبات التحمُّل لأكثر من ساعة يوميًّا، ومن مظاهر هذه الحالة زيادة سُمك جدران القلب وخاصةً في البطين الأيسر، وتتشابه في ذلك مع تضخم عضلة القلب، وهو مرض خطير”.
ويؤكد “ستيوارت كوك” -المشرف الرئيسي على الدراسة- في تصريحات تضمَّنها البيان الصحفي المصاحب للإعلان عن الدراسة، أن “أجهزة رصد اللياقة البدنية لن تكشف -بطبيعة الحال- هذه الأعراض التي يحتاج كشفها إلى تصوير القلب بالأشعة، ولكنها تساعد في تعرُّف الأشخاص المحتمل إصابتهم بالقلب الرياضي، مما يقلل خطأ التشخيص؛ نظرًا لمعرفة الأطباء الذين يتعاملون مع المحترفين والرياضيين بهذه الحالة”.
على جانب آخر، تستطيع هذه الأجهزة التنبؤ بمعدلات نوع من الدهون يسمى “سيراميد”، يكون مصاحبًا للسمنة ومرض السكري وأمراض القلب؛ إذ لاحظ الباحثون انخفاض معدلات هذه الدهون لدى المتطوعين الذين يمارسون الرياضة بشكل منتظم مقارنةً بغيرهم.
وعن التوصيات التي خرجت بها الدراسة، يقول “ليم”: “يمكننا الاعتماد في أبحاثنا المستقبلية على الأجهزة المطروحة للمستهلك وليس الأجهزة العلمية، وإذ إن كثيرين باتوا يستخدمون حاليًّا أجهزة رصد اللياقة البدنية، فإنها تفيد الباحثين في معرفة كيفية تأثير نمط الحياة على متغيِّرات الصحة. وفى سياق الطب الشخصي، فإن النتائج التي وصلنا إليها تلمِّح إلى إمكانية تطوير تطبيقات لتحليل البيانات المأخوذة من الأجهزة التي يتم ارتداؤها، مثل معدل ضربات القلب والنشاط البدني؛ بهدف تشخيص الأمراض مبكرًا، وهو ما سبق أن فعلته إحدى الدراسات باستخدام الساعات الذكية”.