فريق بحثي يطور نوعًا جديدًا من الخشب أقوى بـ10 مرات من الخشب الطبيعي، وأكثر قساوة بـ12 ضعفًا، وينافس في إمكاناته الحديدالصلب وعن صلابة المنتج الجديد، اختبر الفريق مادة الخشب الجديدة والخشبالطبيعي بإطلاق مقذوفات تشبه طلقات الرصاص عليهما، إذ اخترقت الخشبالطبيعي، لكنها لم تستطع اختراق الخشب المعالَج، بل لم تُحدِث فيه أية خدوش.
ووصف الخشب الجديد بأنه “بقوة الحديد، ولكنه أخف وزنًا بـ6 مرات، ويتطلب كسره 10 أمثال القوة اللازمة لكسر الخشبالطبيعي، ويمكن ثنيه وصبه في قوالب في بداية العملية”.
الباحثين توصلوا إلى فكرة خارج الصندوق، تركز على الخواص الميكانيكية لتقنية الجزيئات متناهية الصغر للخشب، تعتمد على التحكم في محتوى الخشب من مركبات الهيميسليلوز واللجنين، التي تقوم بربط خلايا سليلوز الخشب بعضها مع بعض، ولكن وجودها بنسب كبيرة يضعف الخشب، مضيفًا أنهم “استطاعوا التحكم في مركبات اللجنين، وأبقوا على نسب بسيطة منها للصق خلاياالخشب“.
وأشار إلى أن الفريق فتح بابًا جديدًا في عالم “التكرير الحيوي”Biorefinery) ) أو “التعدين الحيوي” (BioMining)، الذي يعتمد على إنتاج مواد وبتروكيماويات من المواد العضوية ذات الأصول النباتية أو الحيوانية، واستطاع أن يحصل على منتج طبيعي ذي خصائص معدنية بتكلفة اقتصادية.
أما أورلاندو روجاس- الباحث بجامعة ألتو في فنلندا، والذي لم يشارك في الدراسة- فيقول إن “الملحوظة الأهم في تقديري هي وجود تركيز محدد من اللجنين، يرفع الأداء الميكانيكي للخشب المكثف”.
وأضاف أن إزالة كثير أو قليل منه تخفض القوة بالمقارنة مع القيمة الأعلى المنجَزة عند إزالة كمية معتدلة أو جزئية، علاوةً على ذلك أن عملية التكثيف تزيد القوة والقساوة، وهما خاصيتان تزيح إحداهما الأخرى عادة”.
وعن التطبيقات التي يمكن أن تُستخدم بواسطة الخشبالجديد، كل ما تجرى صناعته من المعادن القوية كالحديد والتيتانيوم يمكن صناعتهبالخشب الجديد بدلًا منها، لكن الفرق أن المنتَجالخشبي من نسيج طبيعي يبعث على الهدوء والراحة، وله خصائص طبيعية صديقة للبيئة تفوق المعادن، ناهيك بأسعاره الرخيصة وتوفيره للطاقة مقارنةً بالمعادن.
وعلَّل ذلك بأن الحصول على معدن كالحديد يتطلب أفرانًا تصل درجة حرارتها إلى 1500 درجة مئوية، لكن الخشبالجديد جرى تطويره في درجة حرارة لا تتعدى 150 درجة مئوية، ويعطي القوة والصلابة نفسها.
إن الخشب الجديد يمكن أن يُستخدم في الصناعات الهندسية كأجزاء من السيارات والسفن والطائرات، بالإضافة إلى التطبيقات المدنية والعسكرية، كما يمكن أن يؤدي دورًا في مجال الحماية الشخصية وحماية المعدات.
فيما رأى هوا جيان جاو- البروفيسور بجامعة براون الأمريكية، والذي لم يشارك في الدراسة- أن البحث يقدم طريقًا واعدةً لتصميم مادة بناء خفيفة الوزن وذات أداء عالٍ، وإمكانيات هائلة في العديد من التطبيقات، حيث تكون القوة والقساوة والمقاومة الفائقة مرغوبة”.
وأضاف في إفادة صحفية تلقت “للعلم” نسخةً منها، أنه “من المثير للاهتمام على وجه التحديد تنوُّع استخدام هذه الطريقة مع أنواع عديدة من الأخشاب وسهولة تطبيقها، ويمكن استعمال هذا النوع من الخشب في أي مكان يُستخدم فيه الحديد”.
ويقول زيجانج سو -أستاذ المواد والميكانيك في جامعة هارفرد الأمريكية، والذي لم يشارك في الدراسة-: “تنجز هذه العملية المكونة من مرحلتين قوةً فائقة تزيد عما ذُكر في الأبحاث، وإذا أخذنا بعين الاعتبار وفرة الخشب والنباتات الأخرى الغنية بالسليلوز فإن هذا البحث يحفز الخيال”.
وسبق للفريق البحثي إنجاز العديد من التطبيقات الناشئة من مواد تكنولوجياالنانوالطبيعيةالخشبية مرتبطة بـ”النانوسليلوز“، مثل ورق فائق الشفافية ليحل محل البلاستيك، وورق فوتوني لتحسين فاعلية الخلايا الشمسية بمقدار 30%، وبطارية ومكثف قوي من الخشب، وبطارية من ورقة، وخشبشفاف لأبنية مقتصدة للطاقة، وتحلية مياه بالطاقة الشمسية للشرب وإزالة الأصبغة السامة، وجرى تحويل هذه التطبيقات الناشئة المرتكزة على الخشب للإنتاج التجاري من خلال شركة “إنفنتوود” Inventwood)).