بسم الله الرحمن الرحيم ها هو ذا رمضان قد أظل؛ فاستنارت الليالي بأنواره, وتعطرت الأرجاء بنسماته..! وها هي بشائر موسم الخير قد أطلّت..! فأهلاً ومرحباً يا رمضان.! شهر رمضان: موسم عظيم تفضل الله فيه على عباده بنعمٍ كثيرة, من أعظمها: إنزال القرآن وفرض الصيام, قال الله عز جل:{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}. في رمضان تفتح أبواب الجنان, وتصفّد الشياطين, وتغلق أبواب النيران, وتعتق الرقاب, وترفع فيه الأعمال الصالحة, وتتنـزل البركات والرحمات. بشّرَ النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بمقدمه فقال:” أتاكم رمضان شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب السماء وتغلق أبواب الجحيم ، وتغل فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حُرِم خيرها فقد حُرم”. (النسائي وابن خزيمة وصححه الألباني) وقال عليه الصلاة والسلام:”إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن, وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب, وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب, وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقبل, ويا باغي الشر أقْصِر, ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة”. وقال صلى الله عليه وسلم:” إنّ للهِ عز و جل عتقاءَ في كل يومٍ وليلة, لكلِ عبدٍ منهم دعوة مستجابة”. (الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني). وقال أيضاً:” من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه, ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”.(البخاري ومسلم) وقال صلى الله عليه وسلم:”من فَطّرَ صائماً كان له مثلُ أجره, غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً”. (الترمذي والنسائي وابن ماجه) هذه بعض المِنَن التي تفضل الله بها على عباده المؤمنين في شهر رمضان. لقد تمنى بلوغ رمضان أقوام، فحالت الآجالُ دون آمالهم ، وطُويت صحائف أعمالهم. وسوّف آخرون بالتوبة وغرّهم ما هم فيه من العافية والإمهال حتى انقضت الأعمار وشدوا إلى الآخرة رحالهم! فيا حسرة من أدرك رمضان ثم لم يغتنم فرصته,”.. ورغم أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له “. (الترمذي) فأمّا وقد مدّ الله سبحانه في آجالنا وأدركنا رمضان, فلنحمد الله على ما تفضل به علينا, ولنبادر إلى كل ما يرضيه, والقيام بما افترض علينا من الصيام والقيام, إيماناً واحتساباً. فلنستكثر من تلاوة القرآن, والاستغفار, والصلة, والصدقة, وسائر أنواع البر. فلقد رغّب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك فقال:” من أنفق زوجين (أي: شيئين ) في سبيل الله عز و جل نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير, فمن كان من أهل الصلاة يدعى من باب الصلاة, ومن كان من أهل الجهاد يدعى من باب الجهاد, ومن كان من أهل الصدقة يدعى من باب الصدقة, ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان “. (البخاري ومسلم) فاشكر ربك أن فسَحَ في عمرك فأدركت شهر الرحمة والعتق والمغفرة, وتذكر أن خير الزاد التقوى, فاستكثر من الطاعات, وبادر بالتوبة النصوح . من سرّه بلوغ رمضان؛ فليحرص على أن يكون مسروراً أيضاً في آخره, بالفوز بالقبول والعتق من النار. هنيئاً لمن أدركهم رمضان وهم في عافية ونعمة وأمان, فأحسنوا استقباله وصيامه وقيامه, وتعرضوا لنفحات ربهم سبحانه حافظين لحدوده، معظّمين لشرعه, فتنافسوا في الطاعات واجتنبوا السيئات. ويا بشرى من كان هَمُّهُ ومراده تقوى الله والإخلاص, وصَدَقَ في التوبة من ذنبه والإنابة إلى ربه.
|