استعراض تاريخي مختصر للمسيرة النصرانية بمناسبة ذكرى ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام مقالة متميزة

من صفحة الكاتب المفكر “محمد طاهر أنعم” نقتبس مقالة اكثر من رائعة عن تاريخ النصارى و المسيح عيسى ابن مريم و أنصار الله 
مع ملاحظة اننا لم نذكر تاريخ ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام بالضبط … فهناك عدة اقوال في تاريخ ميلادة عليه السلام ولكن ذكرنا هذه المقالة كون كل النصارى يحتفلون في مثل هذه الايام .. 

“بمناسبة ذكرى ميلاد نبي الله عيسى عليه السلام، كتبت هذه المشاركات المختصرة في احدى جروبات الواتس.

ثم قام احد الاصدقاء بجمعها في مادة واحدة، فرأيت من المناسب نقلها هنا.

يمكن أن أعنونها ب: استعراض تاريخي مختصر للمسيرة النصرانية بعد عيسى عليه السلام.

اشار الله عز وجل في كتابه انه اغرى النصارى بالخلاف والعداوة والبغضاء بينهم البين.
(ومن الذين قالوا انا نصارى اخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فاغرينا بينهم العداوة والبغضاء الى يوم القيامة).

والفرق والمذاهب النصرانية كل واحد منهم يكفر الاخر ويعتبره في النار.

الكاثوليك يعتبرون ان الارثوذوكس والبروتستانت والانجيليين والارمن والمارون والمورمون والمشيخيين وغيرهم من الفرق في النار.

وكل فرقة من الاخربات يرون نفس الامر .
وهذا للاسف يشبه ما يوجد عندنا…
وقد حذر الله من طريقتهم وعملهم.
(ولا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، كل حزب بما لديهم فرحون)!!!
ومثل كل خلاف وشر وفساد في اي دين، فالافتراق عند النصارى له بداية تاريخية.
ولليهود دور فيه كما يبدو.
فبعد (وفاة) المسيح عيسى عليه السلام، تفرق حواريوه المقربون في البلاد.
وكان عددهم 12 حسب بعض الروايات.
وافضل اصحابه الحواريين هو القديس بطرس، ومكانته تشبه مكانة ابي بكر مع نبي الاسلام.
وقد فر بطرس الى اسيا الصغرى ( تركيا) ثم الى اكبر مدن العالم حينها، وعاصمة الامبراطورية الرومانية: روما.
وقام بالدعوة لدين التوحيد، حينها.
وتفرق الحواريون الباقون في مختلف البلاد من الهند لفارس لمصر، وغيرها.
وكأن ذلك الامر كان باتفاق بينهم بعد رفع عيسى، او بوصية من النبي نفسه عليه السلام.
وبالمناسبة فأولئك القوم هم أنصار الله.

(اذ قال عيسى بن مريم للحواريين من انصاري الى الله، قال الحواريون نحن انصار الله)….

وفي ذلك الوقت ظهرت شخصية غامضة عرفت باسم القديس بولس!!
ليس من حواريي عيسى.
ولكنه كان صاحب حركة قوية وكبيرة وتحريف خطير في تاريخ النصرانية.
وقد ذهب بعض مؤرخي النصارى ان بولس هذا رجل يهودي متعصب، اسمه السابق شاؤول، ادعى التنصر من اجل تحريف الدين النصراني.
اعلن بولس انه التقى بعيسى في الشام في مكان سري، وانه اخبره انه مات من اجل خطيئة بني ادم، وان ما يزعمه الحواريون من عدم موت عيسى بل رفع الله له غير صحيح!!!
وقام بولس بنشر افكاره في الشام، ثم قرر الانتقال لروما حيث التأثير الذي بدأ يتوسع للقديس بطرس.
في سنة 63م تقريبا وصل بولس لروما.
بعد ثلاثين سنة تقريبا من وفاة عيسى ورفعه.
وبدأ يحصل خلاف وصدام بين القديس بطرس والقديس بولس!!!
وحصل اول افتراق وصدام بين النصارى في تاريخهم.

كما قام بولس بالوشاية بالقديس بطرس وانه يسب الهة الرومان من الكواكب وتماثيلها، مما ادى لاعدام القديس بطرس سنة 68 م في روما على يد الامبراطور نيرون.
علما ان الامر بصلب المسيح عيسى في فلسطين كان بأمر الوالي الروماني بفلسطين والتابع لروما.واسمه بيلاتوس.

ولم تمر كثير سنوات على جرائم روما هذه حتى حصلت خلافات فيها، وقام نيرون باحراقها بشكل شبه كامل.
بعد مقتل بطرس باشهر قليلة.
دخل النصارى بعدها في عمل سري بروما وبعض مدن الامبراطورية الرومانية التي كانت تحكم معظم اوروبا وشمال افريقيا والشام واسيا الوسطى.

وكانت اعظم دولة في وقتها، ولقرون عديدة.
وصارت لهم كنيستان ومذهبان.
كنيسة القديس بطرس، وكنيسة القديس بولس.
واستمروا في ذلك العمل والتوسع في روما لعقود طويلة.
وهم تحت ملاحقة وعناء
الى ان جاء الامبراطور قسطنطين في روما، واعلن تنصره، وايمانه بالدين الجديد.
والسبب تأثير امه ( هيلانا) عليه وهو صغير، بشكل سري دون علم ابيه الامبراطور.
وهنا اظهر اختلاف النصارى، بين من يدعون رفع المسيح ووحدانية الله، ومن يدعون مقتله وانه مات من اجل خطايا بني ادم وفيه جزء لاهوتي.

فدعا الامبراطور قسطنطين الى مؤتمر عام كبير في سنة 313 م، للحوار والمدارسة والخروج برأي موحد يلتزم به النصارى.
وهو مؤتمر نيقيه.
كان زعيم الموحدين من النصارى حينها هو القديس إريوس.
وكان للمنحرفين عدة زعامات.
وكانت الغلبة في البداية لاريوس ومن معه.
ثم تم اغتياله في فترة المؤتمر بطريقة غامضة.
وفرض الاخرون اجندتهم.
وتم تغيير الدين النصراني بشكل رسمي حينها.
وظهرت لاول مرة كلمة الكاثوليكية.
وهي كلمة رومانية ترجمتها الحرفية الصراط المستقيم.
حيث نصت مقدمة بيان مؤتمر نيقيا ان هذا البيان هو الصراط المستقيم ( الكاثوليك).
فصارت علما على المحرفين.
وفي ذلك المؤتمر ظهر التثليث بشكل صريح لاول مرة.
الاب والابن وروح القدس.
واقرار ان عيسى مات مقتولا مصلوبا.
وان بطرس وبولس قديسان متساويان.
وهذا ماتم في مؤتمر نيقيه
ولكن الاريسيين الموحدين استمروا في دعوتهم.
الى التوحيد ودين المسيح.
ولم يتعرض لهم الامبراطور قسطنطين، وكان البعض يتهمه بالميل اليهم.
واستطاع قسطنطين تحويل دين الدولة الرومانية الى المسيحية، وترك الوثنية وعبادة الهة الكواكب وتماثيلها.

ولكن جاء بعده الامبراطور اثناسيوس.
وطلب النصارى التثليثيون عقد مؤتمر مسيحي ديني ثاني، لمناقشة استمرار الاريسيين في دعوتهم المبتدعة كما يصفونها.

فتم عقده في نيقيه ايضا.
وصدرت قرارات بوصف الاريسيين الموحدين بالهرطقة، وهي البدعة.
وضرورة تتبعهم واقصائهم وسجنهم وقتلهم بناء على هذه التهمة.
وظهرت في هذا المؤتمر لفظة ارثوذوكسية لاول مرة.
ومعناها الطريق القويم او الافضل.
وذلك انهم عدلوا بعض الاعتقادات التثليثية والفلسفية.
ولكنهم انقسموا بعده لكاثوليك ( على الرأي القديم) وارثوذوكس ( على الرأي الجديد)، وكلهم تثليثيون.
وقام اثناسيوس الامبراطور بتنفيذ القرارات ومتابعة الموحدين الاريسيين، وسجنهم وتعذيبهم واصدار الاحكام ضدهم بالهرطقة والضلال والكفر.
ثم مزق الله ملكه
وافترقت الامبراطورية الرومانية بعده لاول مرة، وتمزقت الى دولتين لم تجتمع ابدا.
حيث كان بين ابنين له خلاف حاد.
فلما مات اعلن احدهما الذي كان في مدينة القسطنطينية الانفصال بالجزء الشرقي من الامبراطورية عن اخيه في روما.

وحصلت بينهما حروب طاحنة
ولم ينتصر احد على الاخر.
اخذ صاحب القسطنطينية بالمذهب الارثوذوكسي، وصاحب روما بالمذهب الكاثوليكي.
وزاد الافتراق وبدأ التكفير بين الطائفتين.
وصار مقر الكنيسة الكاثوليكية الكبرى في منطقة الفاتيكان بروما.
ومقر الكنيسة الارثوذوكسية الكبرى في القسطنطينية.
وبقي اسم الامبراطورية الرومانية في روما، بينما تسمت الدولة الجديدة بالامبراطورية البيزنطية.
وكانت اكثر تجمعات الموحدين الاريسيين في الدولة البيزنطية في الشرق، وخاصة في مصر والشام واسيا الصغرى ( تركيا اليوم).
وبعد مائتي سنة تقريبا ارسل الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم.
وكان النصارى في تلك الفترة تتزايد خلافاتهم وانقساماتهم، ولكن الاريسيين الموحدين يقومون بجهد كبير للحفاظ على دعوة عيسى التوحيدية.
ولما ثبت محمد صلى الله عليه وسلم مكانة دعوته في جزيرة العرب ارسل الرسل لعدة دول، منهم الذي وصل لهرقل امبراطور الدولة البيزنطية.
كان هرقل حينها في القدس بعد انتصاره العظيم على الفرس في الشام.
وهو الانتصار الذي اشار اليه القران.
4444غلبت الروم، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين…
وكان في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل: اسلم تسلم يؤتك الله اجرك مرتين.
فإن توليت فإنما عليك اثم الاريسيين!!!
استغرب هرقل معرفة النبي بالاريسيين ودعوتهم، فأرسل الى اكبر قديس فيهم وهو القديس دوجاتير برسالة النبي محمد.
فارسل له دوجاتير: ان هذا هو صاحب عيسى وداعية التوحيد، واعلن اتباعه وانه سيهاجر اليه في الحال.
ومات القديس دوجاتير في الطريق.
وجمع هرقل اساقفته وبطارقته في القدس ليستشيرهم.
فرفضوا وهم من الارثوذوكس.
فكان يحاول التأثير عليهم ان هذا هو الحق وسيسيطر على كل مكان.
فتمردوا عليه.
وخاف منهم، وضن بملكه.
وارسل للرسول الهدايا ورد عليه ردا طيبا.
وقال لمن حوله والله لو اعلم اني اخلص اليه لغسلت قدمه.”