تمحيص شديد يأتي بعده النصر .. قصة من القرآن

لا نصر إلا بعد تمحيص

إن المتتبع لتاريخ الأمم والشعوب يرى أن كل امة تطلعت إلى النصر وتوسيع رقعة نفوذها وفرض مشروعها على غيرها عملت أولا على تمحيص صفها الداخلي وتعبئة أفرادها من جميع النواحي من اجل بناء جبهة داخلية قوية تقدر على تحقيق ما تصبو إليه تلك الأمة وان تفرض نموذجها الحضاري بقوة وجدارة .

وكذلك عندما نتصفح تاريخ الدعوات من أول الأنبياء المرسلين وإلى مجيء رسولنا الكريم صلى الله وسلم عليهم جميعا نرى بان أولى الخطوات التي كانت تتبعها الرسل عليهم الصلاة والسلام هي تنقية القلوب من كل شائبة أو أي رباط دنيوي دنيء ومن ثم تليها تنقية الصف,عندها يتكون جيش من المؤمنين الصادقين يرون حياتهم في موتهم عندها وعندها فقط يكون نصر الله قريب .

وبما أن ما في القلوب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى وهو وحده العليم بنقاط الضعف لدى كل فرد لذا فهو سبحانه يتكفل بإظهارها وفي الوقت الذي يشاءه سبحانه من خلال جملة من الابتلاءات لأن كل نوع من الابتلاء يفضح أمر فئة معينة وهكذا إلى أن تبقى الفئة الخالصة المخلصة التي تصمد أمام جميع الابتلاءات والتي تصبح مؤهلة للتمكين وقادرة على الحفاظ على مكتسباتها بعد التمكين .

ونذكر على سبيل المثال لا الحصر

قصة طالوت التي وردت في سورة البقرة :

كيف فضح الله أمر الفئة تلو الأخرى من خلال جملة من الاختبارات إلى أن ظهرت الفئة المحبة لله والمطيعة لأمره سبحانه وأظفرهم الله على عدوهم بالرغم من قلة عددهم .

فالاختبار الأول كان للفئة التي ترى نفسها أحق بالملك من هذا الذي بعثه الله ملكا عليهم وغرهم مكانتهم في قومهم وعز عليهم أن يقاتلوا تحت أمرة من هو دونهم وبذلك أظهرهم الله على حقيقتهم من خلال جعل الأمر إلى من يعتقدونه دونهم فسقطوا في الاختبار وتم تنقية الصف المؤمن من رجسهم.

والاختبار الثاني كان للفئة التي لا تصبر على المعوقات التي تعترض الطريق فبعد أن تعب الجميع من السير الطويل وبلغ منهم العطش .. ابتلاهم الله بنهر وشرط عليهم أن لا يشربوا منه إلا غرفة باليد وهنا افتضح أمر الفئة الأخرى الفئة التي تجزع عند المصائب والتي تعبد الله على حرف فسقطوا أيضا.

والاختبار الثالث كان للفئة التي لا تثق بنصر الله الواحد الأحد وأنه بيده ملكوت كل شيء وأن العزة بيده سبحانه فيعز من يشاء ويذل من يشاء وأن من يتوكل عليه حق توكله فإنه لا يتركه بل يمده بما يعينه على النصر والتمكين… لذا فهؤلاء لما رأوا جنود جالوت خارت قواهم وهبطت معنوياتهم ونسوا قوة الله سبحانه عندما رأوا قوة هؤلاء وبهذا تراجعوا في اللحظة الأخيرة وقبيل الاشتباك فسقطوا أيضا في الاختبار, وبعدها أصبح صف الإيمان ناصع البياض خاليا من كل شائبة وكان حقاً على الله أن ينصرهم كما وعد سبحانه وتعالى عباده المؤمنين { وكان حقاً علينا نصر المؤمنين } .

هذه هي سنة الله في الكون وفي التمكين ونصرة الدعوات فهو سبحانه وتعالى ينصر من ينصره ويعين من يتوكل عليه ويمد بالجنود من يستمد منه العون,

وعلى من يريد النصرة والتمكين أن يفهم هذه المعادلة- أنه لا نصر إلا بعد تمحيص- وأن يعمل بمقتضاها وبعدها فهو النصر إن شاء الله.

اذا فلنفهم عظيم أجر الصابرين لأن كل من سقطوا بابتلاء التمحيص بسبب عدم الصبر و التحمل..

  • views
  • تم النشر في:

    ثقافة

  • آخر تعديل: At 8:46 م
  • كلمات دلالية: , , , , , , , , , ,
  • قم بنسخ الرابط المختصر أدناه من زر النسخ لمشاركته:

    https://review.topmaxtech.net/?p=17787