تقنيات إنتاج الجرافين لتمكين استخدام الجرافين في التطبيقات التجارية.

نعيش الان في عالم السرعة، حيث كل شيء حولنا يتطور بسرعة فائقة. كل شيء بات يعتمد على الطاقة ويحتاج إليها ليستمر في وجوده! ليزيد ذلك من العبء على الطاقة الموجودة حالياً، والتي لم تعد تتوفر كما كانت تفعل في السابق. لذلك بتنا نلاحظ كيف أن العالم بدأ يشدد على أهمية توفير استهلاك الطاقة وضرورة إيجاد مصادر بديلة للطاقة الموجودة حالياً.

فنحن بصدد تسليط الضوء على مادة أطلق عليها العلماء اسم “المادة العجيبة”؛ حيث تجتمع فيها الصفة وضدها في الوقت ذاته. كما أنها تتميز بخواص فريدة، إلكترونية وميكانيكية

 

ما هو الجرافين (Graphene)

الجرافين: مادة مكونة من طبقة وحيدة من ذرات الكربون، مرتبطة مع بعضها البعض على شكل أنماط سداسية متكررة، وتكون سماكة الجرافين أقل من سماكة الورقة العادية بحوالي مليون مرة، ولذلك فهو رقيق إلى درجة نستطيع معها اعتباره مادة ثنائية الأبعاد. 

الجرافين  (Graphene): مادة ناشئة، موجودة في كل مجالات الأبحاث في العالم اليوم؛ قد تُغير من طريقة تصنيع المكونات الالكترونية وتساعد في نمو الأداء الحسابي. اقترح العديد من الباحثين إمكانية مساهمة هذه المادة في تعزيز سرعة الانترنت، وفي إمكانية استخدامها كغطاء لمس حساس، ومن الممكن استغلالها لإطالة حياة الحواسيب العادية، فهذه المادة أقوى من الألماس و توصل الكهرباء والحرارة أفضل من أي مادة أخرى، كما أنه من المرجح أن تلعب دوراً مهماً في العديد من المنتجات والعمليات في المستقبل.

من اسهل طرق انتاج الجرافين  تقنية “جراف أير

إذا كنت ممن يتخلصون من زيت الطهي المستعمل في سلة المهملات، فحاول في المستقبل أن تحتفظ به، إذ تمكن باحثون من تحضير الجرافين من زيوت الطعام، وهو ما من شأنه تقليل التكلفة العالية لإنتاج الجرافين ، مما سيفتح الباب على مصراعيه لاستخدام تلك المادة الثورية.

 

تعتمد تقنية “جراف أير” على تسخين زيت فول الصويا المستخدم في طهي الطعام في فرن خاص أنبوبي الشكل لمدة 30 دقيقة، مما يؤدي إلى تفكُّك الكربون الموجود بالزيت إلى وحداته البنائية، كما يوضح الفريق البحثي من مؤسسة الكومنولث الأسترالية للبحوث العلمية والصناعية ((CSIRO.

بعد ذلك يتم تبريد الكربون بشكل سريع على رقاقة من مادة النيكل، مما يسمح بتكوُّن شريحة رقيقة للغاية من الجرافين يقدر سُمكها بنانو متر واحد فقط –جزء من المليون من الملليمتر– أي أن تلك الطبقة أرفع من شعرة رأس الإنسان بحوالي 800 ألف مرة.

“هذه الطريقة في تصنيع الجرافين سريعة، وبسيطة، وآمنة، إلى جانب أنها قابلة للتطوير والدمج مع طرق أخرى”، كما يقول د. زاو جون هان، أحد الباحثين المشاركين في الدراسة المنشورة بدورية ”Nature Communications“ نهاية يناير2017.

شفاف وخفيف وصلب

والجرافين هو أحد الصور المختلفة لعنصر الكربون كالفحم والماس، ولكن على هيئة طبقة رقيقة للغاية يبلغ سُمكها ذرة كربون واحدة؛ إذ تتشكل ذرات الكربون في تلك الطبقة في صورة أشكال سداسية مترابطة فيما يشبه خلايا النحل.

وأهم ما يميزه هو خصائصه المذهلة من كونه شفافًا وخفيفًا للغاية، وأقوى من الصلب بمئتي مرة، وأصلد من الماس، كما يتمتع بمرونة عجيبة، كما أنه يعمل كموصل فائق للكهرباء -تحت ظروف خاصة– دون أية مقاومة على الإطلاق، كل تلك الخصائص تجعله المادة المثالية للاستخدام في عدد من التطبيقات التكنولوجية الواعدة.

إن الطرق المعتادة لتحضير الجرافين في المعمل ذات تكلفة عالية وتستهلك وقتًا طويلًا، وذلك لأنها تتم في ظروف غير تقليدية من تفريغ للهواء ووجود حرارة فائقة واستخدام مكونات نقية للغاية، إلا أن الطريقة الجديدة أسهل وأسرع وأقل تكلفة من الطرق السابقة بعشرة أضعاف، كما صرح “زاو” لمحطة الإذاعة الأسترالية.

 إن هذه الطريقة الجديدة ستؤدي إلى خفض تكلفة إنتاج الجرافين بشكل كبير”.

 سيؤدي إتاحة استخدام تلك المادة على نطاق واسع في الصناعة، وهو ما يَعِدنا بإمكانات هائلة في مختلِف المجالات. “إن التطبيقات المحتملة لذلك هائلة، فتلك التقنية من الممكن أن تبدأ ثورة الجرافين. إذ يمكن استخدام تلك المادة المبهرة في تصنيع أي شيء، كالأجهزة الإلكترونية وبطاريات الهواتف النقالة ومرشحات الهواء، بالإضافة إلى الأجهزة الطبية”.

عقبات أمام الباحثين

على الرغم من الوعود الهائلة التي تعدنا بها تقنية “جراف أير”، لكن حتى هذه اللحظة لم يتمكن الفريق البحثي الأسترالي من تحضير رقاقة من الجرافين تربو أبعادها على 5 سنتيمترات للطول وسنتيمترين للعرض.

هذه العقبة تدعونا للتساؤل حول إمكانية استخدام تلك الطريقة رغم قلة تكلفتها على نطاق صناعي وتجاري واسع، يعلق على ذلك داوود قائلًا: “على العلماء إيجاد طريقة فعالة لإنتاج الجرافين على نطاق واسع لتخرج تلك المادة من المعمل إلى حياتنا اليومية”.

وهذا ما يعمل عليه الآن الفريق البحثي المكتشف لطريقة “جراف أير” كما يوضح جون هان لـ”للعلم”: “إن خطواتنا القادمة لتطوير تقنيتنا لتصنيع شرائح أكبر من الجرافين هي استخدام حجرة تفاعل أكبر تحوي مواد تفاعل أكثر، بالإضافة إلى التحكم في ظروف تكوُّن الجرافين”. وبهذا يكون العلماء قاب قوسين أو أدنى من ثورة الجرافين المنتظرة.

أبحاث الجرافين في العالم العربي

إن البحوث المتعلقة بالجرافين في عالمنا العربي تتزايد بشكل مستمر، فوفقًا لدراسة نُشرت في نهاية عام 2015، تضاعف عدد الأبحاث المنشورة حول الجرافين في الشرق الأوسط ثماني مرات في غضون خمس سنوات فقط بين 2010 و2014.

ووفقًا للدراسة المنشورة على موقع Statnano تتصدر المملكة العربية السعودية قائمة الدول العربية من حيث عدد أبحاث الجرافين المنشورة، تليها في الترتيب مصر ثم الإمارات العربية المتحدة.

أما الموضوعات التي شملتها الأبحاث، فتتنوع اتجاهاتها بشكل كبير بين تصنيع الجرافين وتحليله وتوصيف خصائصه، وبين استخداماته المتعددة في حقول الإلكترونيات والطاقة المتجددة وتنقية المياه.